صوت الحر ـ sawtlhor
مُخطئ وجاحد، كل من يظن أن بلادنا الغالية المغرب، تفتقر للمقومات السياحية الرائدة، فهي التي تتغنى جمالا وثقافة وتاريخا وحضارة، وهي التي تضم بين ثناياها جبالا شامخة شموخ أهلها، وسهولا وبحارا ورمالا بصحراء مغربية تتلألأ ذهبا صافيا صفاء قلوب أناسها، وقد استطاعت بلادنا بفضل من الله عز وجل، وبسياسة حكيمة لملك البلاد حفظه الله ورعاه، أن تُزاوج بين الأصالة والمعاصرة بحاضرها المشرق المشرف في الصناعات والتكنولوجيا والابتكارات وثورة الرياضات، علاوة على مشاريع أخرى ذات طابع سياحي واقتصادي أزعجت الجار القريب قبل البعيد..
** خَيْرْنَا مَايْدِيه غَيْرْنا
وأنا أُجالس أحد الأصدقاء الأعزاء قادنا الحديث نحو مناقشة موضوع السّاعة المطروح أساسا على طاولة مُعظم الأسر التي أنهكها تعاقب المناسبات ولهيب الأسعار والمحروقات، ذلك الموضوع المتعلق بمنطق التفكير في” اخراج لوليدات من روتين الدراسة”، نحو وجهة لعلها تُزيل عنهم عناء موسم دراسي بغلاء مع ضعف القدرة الشرائية عند كثيرين.
جلس الصديق العزيز هذا بجانبي وقال بصوت خافت: ” كِين لِي باقي مَشافْشْ حتى مراكش، وباغي يْسافر على برَّا خارج المغرب…”، بمعنى أن الواحد خاصو يْشُوف بْلادُو ويتمتع بجمالها على الأقل عاد خاصو يَكْتاشف بلدان الناس….راه عايب أجانب كيعرفو مناطق ببلادنا أكثر من ناسها…”..فعلا كان كلام الرجل صادقا، وهو يتكلم بحرقة وكأنه بذلك يجسد مقولة” خَيْرْنَا مَايْدِيه غَيْرْنا”.
مُقدمة الحديث هذه، كانت عبارة عن توطئة لنقاش طويل عريض قارب في بُعده الشمولي واقع السياحة الداخلية ومساهمتها الفعالة في انعاش الاقتصاد الوطني، لاسيما وأن العالم بأسره لا زال يعاني من تداعيات كورونا وتوالي سنوات الجفاف ومخاطر الانحباس الحراري.
نعم، إن الاستثمار في السياحية الداخلية، يبقى من أهم وأنجع مقومات التنمية الشاملة تعد من مقومات التنمية السياحية، فهي تلك الطاحونة التي تُدير رحى الأيادي العاملة وتنعش الأسواق الداخلية وتخلق الرواج وتغني أصحابها لعنة السؤال والقيل والقال.
طبعا، هي أداة من أدوات دعم الخزينة العامة التي بها تُبنى السياسات العامة في بُعدها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وهنا الأمر لا يحتاح إلى توضيح بل إلى قرارات حكيمة نابعة من حب الوطن تماشيا ومقولة” خَيْرْنَا مَايْدِيه غَيْرْنا”.
** تشجيع السياحة الداخلية دين في عنق صاحبها
إن تشجيع السياحة الداخلية خاصة في زمن الأزمات، يتطلب أولا وقبل كل شيء، العمل على رفع منسوب الوعي لدى عموم المواطنين وتصحيح تلك الصورة النمطية التي يُقلل فيها البعض من أدوار السياحة الداخلية في التعريف بالموروث الثقافي والاقتصادي، وكذا تكريس ثقافة الانتماء للوطن والاعتزاز بتاريخه الوطن وتراثه.
إن تشجيع السياحة الداخلية رهين بخلق بيئة سليمة تقتضي العمل برؤية شمولية وفق مقاربة تشاركية بين كافة المهتمين والفاعلين السياسيين والجمعويين والاعلاميين، تركز على حماية المكتسبات وترشيد الموارد الطبيعية والمحافظة على الفضاء البيئي والثقافي، لأن السياحة الداخلية ليست مجرد محرك للعجلة الاقتصادية بقدر ماهي جسر للتواصل الثقافي مع باقي شعوب العالم.
إن الرفع من منسوب السّياحية الداخلية رهين بمدى حسن استغلال الموارد البشرية والطبيعية، والمحافظة عليها وربط خطط التنمية السياحية بخطط التنمية الأخرى للقطاعات الاقتصادية لتحقيق نمو متوازن لخلق التنافس السياحي، مع تكثيف العمل الدبلوماسي عبر الترويج للسياحة بالمغرب من خلال تنظيم أنشطة فنية وثقافية وغيرها..
*هنا مدن الشمال تتغنى الجمال
من مدن الشمال الزاهية، نجد طنجة عروس الشمال، مرورا بالمضيق ومارتيل والحسيمة وصولا إلى شواطئ السعيدية الزاهية، كلها شواطئ ومدن أبهرت زوارها بنظافتها وكرم ساكنتها، ورونق جمال شوارعها وأزقتها وأعمدة الإنارة العمومية الراقية، عمال نظافتها الأبطال الشرفاء يشتغلون ليل نهار، كلهم حزم وهمم وعزة نفس، رجال أمنها من البواسل المرابطين على الممرات والطرقات في عز موجة الحر ونكهة الصيف، تركوا عائلاتهم وصغارهم ومتعة العطلة معهم، واختاروا خدمتنا ليل نهار ساهرين على أمننا وسلامتنا، وسلامة الزوار..
هنا بمدن الشمال، هنا الجمال يتغنى بألف معنى، ويرقص فرحا بقدوم الزوار من مختلف الديار، هنا شمال المغرب الزاهي يستهوي هواة السباحة والسياحة والغوص في أعماق المتوسط..
هنا الرمال الذهبية ومياه المتوسط الزرقاء الصافية، هنا يتقاسم المواطنون المجالس لأخذ قسط من الراحة والاستجمام بمنظر المشاهد الخلابة حيث اختلط الجبل والرمال والغابة، مكونين معا لوحة فنية تستهوي عشاق البحر ونسيمه، هنا بشواطئ المضيق، ومارتيل والرأس الأسود وغيرها من الشواطئ الخلابة، تغيب تلك المظاهر المشينة التي تعود الجميع على سماعها من سب وشتم وعراك وكلام نابي، وانتشار للمخدرات ومظاهر العربدة والصراعات، هنا الهدوء والسكينة وحسن الخلق…تحية للرجال الأمن البواسل…
* هنا بمدن الجنوب الأبي حيث الأمن والأمان
هنا، بشواطئ مدن الجنوب المغربي، هنا تتعانق الأمواج وتمتزج بالجبل وتمتد على الصحراء، مُشَكِّلة لوحات فنية من يد المبدع الواحد المنان، هنا سحر الجمال والهدوء والاحساس بالأمن والأمان…
كل ذلك لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة لعمل ذؤوب شاركت فيه كل القوى الحية من منتخبين وسلطات محلية ودرك ملكي وفعاليات جمعوية نشيطة ومجتمع مدني شغوف بحب الخير والسعي إليه…
هنا بمدن الجنوب، هنا الجمال يتغنى بألف معنى، ويرقص فرحا بقدوم الزوار من مختلف الديار، هنا جنوب المغرب الزاهي يستهوي هواة السباحة والسياحة والغوص في أعماق الأطلسي…
هنا، بشواطئ الجنوب كالشمال الزاهية، هنا، يحق للجميع أن يشكر القائمين على تدبير شؤون البلاد والعباد من هيئات منتخبة وفعاليات جمعوية واعلامية، وأمنية وغيرها، للانخراطهم الجدي والمسؤول.
** كل مايُقال عن الغلاء مجرد فزاعة من ورق
لنكن صرحاء غير منافقين، فالمرء صنفان طالح وصالح، وكما يُقال بلغة العامية ” حُوتة وحدة كتخنز الشواري”، وكما قالوا أجدادنا الأوائل ” لي شاف ماشي بحال لي سمع”، بمعنى أن ما يُقال ويحكى عن ارتفاع الفواتير الملتهبة الصاروخية لا مكان له، ماعدى لبغا يتعلق فين يتفلق”.
فمن حُسن المرء أن يلبس “لي واتيه”، على مقياسه يعني، حتى لا يتفاجأ، وإلا كيف للمرء أن يختار أماكن وأطباق خيالية وإطلالة بهية بخدمات ولا في الأحلام، وعند تسديد الفاتورة يتحدث عن الغلاء ويرتفع ضغط دمه، فهو أمر طبيعي طبعا.
أما من اختار الوسط، وخير الأمور أوسطتها، فحتى الزيادة في الفاتورة أحيانا تكون مقبولة ومحمودة…